لم يمر على تحرير سوريا من الاحتلال الإيراني وإسقاط نظام الطاغية بشار الأسد ، إلا شهور قليلة حتى جهزت إيران عملاءها من فلول بشار ، والحشد الشيعي على حدود سوريا ، وحزب الله وبقاياه في حمص ، لإشاعة الفوضى بتنسيق مع الطيران الإسرائيلي الذي تأهب للهجوم على دمشق بالتزامن مع زحف مليشيات إيران، لكن يقظة الجيش السوري ، والدعم الكبير الذي تلقاه من سلاح الجو التركي واستخباراته العسكرية ، حال دون نجاح الانقلاب والهجوم ، لا سيما مع تهديد الكيان بحرب جوية ان تجرأ على الهجوم على دمشق !
والان يتكرر المشهد نفسه منسيناريو الانقلاب و الخيانة على يد طائفة شيعية إسماعيلية في أصلها لا علاقة لها بدين السنة ولا بثوابته وأصوله ومعتقداته وفرائضه تماما كما هو الشأن بالنسبة لشيعة إيران الإمامية ! إنهما وجهان لعملة واحدة يجمعهما مشترك واحد هو العداء لأهل السنة ومحاربتهم : إنها الطائفة الدرزية التي اشتهرت فئة منها بالولاء للكيان والانخراط في حروبه ومنها حربه على غزة .
في السويداء السورية برز اسم الهجري كزعيم لتلك الفئة الدرزية العميلة للكيان ، ولم يكن للكيان وهو الذي اصيب بمقتل بعد سقوط بشار ان يترك سوريا على حالها لتستقر، فكان لابد من التحرش بها حينا وتهديدها حينا ، والهجوم عليها بشكل مباشر لإسقاط النظام ولو لصالح إيران حينا ! واستعداء الغرب عليها حينا ، واحتلال أراضيها لجرها إلى حرب مستعجلة حينا ! فلما فشل في استفزازها بكل ذلك ، وفشل حتى في إقناع أمريكا بالبقاء في أراضيها دعما لـلاكراد (قسد) ! لم يبق له إلا ورقة (الدروز ) الذين هيأهم منذ زمن بعيد ليكونوا امتدادا وطريقا لتحقيق الحلم التوراتي بالزحف نحو دول المنطقة بداية من الجولان ومرورا بسوريا والأردن فالعراق !
ومع استجماع سوريا لقوتها وسيرها بخطى سريعة وقوية نحو القوة الاستراتيجية سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا ، لم يهدأ للكيان بال ! فعزم على شيطنتها باستعمال ورقة الدروز وإظهارهم بمظهر المنتهكة حقوقهم الطائفية من قبل عصابات (النظام السوري ) واتهامهم بالدعشنة والاسطوانات المستهلكة التي لا تخفى على المتابعين للوضع !
من هنا قام عصابات الهجري بالهجوم على قوى الامن السورية ، وافتعال المنازعات ومن تم الهجوم على الوجود السني في غلاف السويداء الريفي وارتكاب مجازر في حق العشائر وحتى الدروز الذين لم يسيروا في ركب الاحتلال .
وقع ذلك بالتوازي مع قصف الكيان لمحيط القصر الجمهوري ومبنى هيىة الاركان بل والقرى السنية كقرية المزرعة من عشائر السويداء ، مع الهيمنة على سماء سوريا بطائرات الاستطلاع بدون طيار والتهديد بقصف كامل سوريا اذا لم تخرج عناصر الامن والجيش من السويداء.
هنا – وبالتوازي مع انسحاب الجيش السوري وأجهزته الأمنية ، بعد ضبط الأمن ، وبعد إبرام اتفاق مع شرفاء الدروز ، هب حماة سوريا من عشائرها على كل صعيد بمآت الآلاف ليلعبوا دور الحماية لعشائر السويداء من جهة وليطهروها من عملاء الدروز ، في بادرة اربكت الكيان وعملاءه فلم ير ما يصنع! ولم يدر كيف يتصرف !
بقي الاتفاق ساري المفعول ، يتولى إدارتها أجهزة الدول الأمنية بمقتضاه عناصر من أبناء السويداء أنفسهم ، ثم بقيت المعارك قائمة داخل السويداء وفي محيطها لاستكمال دحر المتمردين الدروز وتطهير المنطقة من جرائمهم ، بينما اكتفى الكيان بإمداد عملائها بالسلاح ودعمهم بالطيران (بدون طيار) وتهديد النظام السوري من حين لآخر .
عمليا كسبت سوريا المعركة ، بإبرام اتفاق ملزم اولا ، ثم بهزيمة المتمردين على يد العشائر دون تدخل مباشر من الجيش وأجهزته الأمنية ، في هذا المناخ جاء الدعم الإقليمي من عشرة دول على رأسها تركيا والسعودية لدعم سوريا والتنديد بجرائم الدروز العملاء ، كان من بين الدول دول الخليج والاردن ومصر ، فيما اكتفى الغرب بعدم موافقة الكيان على هجومه وتدخله .
من الطبيعي جدا ان تنتصر سوريا في إنهاء مشكلة السويداء والقضاء على المتمردين لتستكمل تحرير سوريا من العملاء وفلول النظام البائد فكل مقومات النصر سياسيا وعسكريا وميانيا واقليميا في صالحه ، ولا يملك الكيان اي دعم او مسوغ قانوني لتدخله المباشر بل يطالبه المجتمع الدولي بالانسحاب من الأراضي السورية وتطبيق القرار 2766، واتفاق فك الاشتباك ل 1974م. وأي تدخل مباشر من الكيان في السويداء سيكون مؤشرا على فتح باب الجحيم عليه وهو – بالتحديد – ما يجعله يكتفي بدعم عملائه الدروز دون تدخل بري مباشر.
حقوق الطبع محفوظة لجريدة القرب 2024-2025 ©