المعارضة تتهم الحكومة بإقصاء أكثر من 8 ملايين مواطن من التغطية الصحية المجانية، بعدما كانوا يستفيدون من النظام السابق، بسبب طريقة ومعايير احتساب المؤشر الاجتماعي، الذي يدقق في ممتلكات بسيطة يتوفر عليها الكثير من المغاربة، مما جعل عشرات الآلاف يحرمون من الاستفادة من الدعم الهزيل الذي تعتبره الحكومة يغطي حاجيات الأسر الفقيرة، في حين أنه لا يغطي مصاريف أسبوع.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!في مقال نشره pjd.ma لرئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية يؤكد إدريس الأزمي الإدريسي، أن ما صرح به وزير الميزانية فوزي لقجع، من أن عدد المستفيدين من “راميد” لم يتجاوز 11 مليون متناقض تماما مع الأرقام الرسمية التي نشرها لقجع نفسه في مذكرة تقديم مشروع قانون المالية، والتي ورد فيها أنه تم تسجيل 7,72 مليون أسرة وبلغ عدد المستفيدين 18.44 مليون.
ويضيف بأن الحكومة تخاطب الرأي العام بأرقام بعيدة كليا عن الواقع الذي يعيشه المغاربة، بحيث أن الكثير من المواطنين وجدوا أنفسهم محرومين من التغطية الصحية المجانية بعدما كانوا يستفيدون من بطاقة “راميد”، وأن الأغلبية أصبحوا مطالبين بتسديد رسوم الاشتراك لصندوق الضمان الاجتماعي قصد التسجيل في نظام “أمو-تضامن” بالرغم من كون الأغلبية منهم لا يتوفرون على مدخول قار أو عمل دائم، كما أن الكثير من العاطلين أصبحوا ملزمين بتسديد اشتراك “أمو” إلى جانب الملايين من كبار السن والعجزة الذين تخلت عنهم الحكومة وفرضت على ذويهم وأبنائهم تسديد مبالغ شهرية لكي يحصل أجدادهم على التغطية الصحية، الأمر الذي يتنافى مع شعار الدولة الاجتماعية والاعتراف بفئة المسنين.
وأوضح الأزمي أن هناك حالات حقيقية لمواطنين ومواطنات تم إقصائهم من التغطية الصحية ضدا على القانون الإطار الذي جاء من أجل تعميم الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن الجدول الذي قدمه فوزي لقجع وعند جمع عدد المستفيدين منذ سنة 2012، يشير إلى 18.44 مليون مستفيد، وأن هذا الرقم مثبت في مذكرة تقديم قانون المالية وتقرير الحسابات الخاصة، إذ كان مسجلا عند تسلم الحكومة مهامها 7.72 ملايين أسرة.
وقال إدريس الأزمي أن الهدف من ترديد الحكومة لهذا الرقم هو سعيها الحثيث إلى التغطية على أنها أقصت ملايين المغاربة من التغطية الصحية عوض مواجهة الواقع والحقائق القائمة، المؤكدة بأن العديد من المغاربة تم إقصاؤهم من التغطية الصحية، مضيفا أنه على الحكومة واجب الإنصات للمواطنين، والتفاعل مع شكاويهم وتضررهم من الإقصاء بدل الإنكار والادعاء بأن الجميع استفاد من التغطية، في الوقت الذي أقدمت فيه الحكومة نفسها مؤخرا على اقتراح قانون لمعالجة المقصيين من “راميد”، والذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة.
ويتابع القيادي في حزب العدالة والتنمية، أن تعميم الدعم الاجتماعي يحتاج إلى مواكبة للتنزيل، حيث أن هناك أرامل كن يحصلن على مبلغ 1050 درهما أو 700 درهم، واليوم تم تقليص هذا الدعم إلى 500 درهم، مشددا على أن هؤلاء لا يجب أن يخضعن لأي مؤشر، لأن المؤشر يهم المستفيدين الجدد، لأنه لابد من الحفاظ على الحقوق المكتسبة، مؤكدا أن المشروع والمؤشر جاء ليعالج وضعية هشاشة وحاجة مواطنين إلى الدعم، وليس لأجل إقصائهم من حقوقهم، ولذلك يجب ضمان استفادة كل المستحقين، سواء من التغطية الصحية أو الدعم الاجتماعي، أو غيرها من البرامج، قائلا: “الدولة الاجتماعية ليست شعارا، بل هي عمل واشتغال لتنزيل البرامج”، معتبرا أن “ما جاء به الوزير ليس مقنعا، وأن هناك إقصاء حقيقيا تدل عليه الأرقام ويدعمه الواقع اليومي للمواطنين المقصيين من التغطية الصحية، وهو ما يتطلب من الحكومة المبادرة لتصحيح هذا الوضع عوض التنابز والتلاعب بالأرقام، وهذا هو المقصود والهدف الأول والأخير من هذا النقاش”.
وكشف لقجع أن 3.9 ملايين أسرة فقيرة تستفيد من التغطية الصحية، أي ما يناهز 8 ملايين نسمة باحتساب ذوي الحقوق، مشيرا إلى أن 3.7 ملايين أسرة تستفيد حاليا من الدعم الاجتماعي المباشر، أي ما يناهز 5.2 ملايين طفل وطفلة، بتكلفة بلغت 35 مليار درهم سنة 2024، على أن تصل إلى 40 مليار درهم في السنة الجارية (2024).
وحسب الوزير المكلف بالميزانية، فإنه من أصل 11.5 مليون أسرة، وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، تستفيد 2 مليون أسرة من التأمين الإجباري على المرض بالقطاع العام المتعلق بالموظفين والمتقاعدين، و5 ملايين أسرة بالقطاع الخاص من الأجراء والمتقاعدين المسجلين في صندوق الضمان الاجتماعي، إلى جانب 700 ألف من أسر العمال غير الأجراء وأصحاب المهن الحرة، فالباقي هو 3.8 ملايين أسرة تتحمل الدولة اشتراكاتها في إطار “أمو-تضامن”، أي ما بين 10 و11 مليون مستفيد.
وأشار لقجع إلى أن المديونية في سنة 2021 بلغت 72.2 في المائة، وأننا انتقلنا بين سنة 2019 و2020 بـ 12 نقطة، وذلك بسبب استخدام 3 ملايير دولار متعلقة بالخط الائتماني لتدبير أزمة “كورونا”، واليوم لدينا خط ائتماني بـ 5 ملايير لم نلجأ إليه بعد، مشيرا إلى أن هذه الحكومة تمكنت من التحكم في العجز المالي بالانتقال من 7.1 في المائة سنة 2020 إلى 5.5 في المائة سنة 2021، ثم 5.4 في المائة سنة 2022، وصولا إلى 4.4 في المائة سنة 2023.
وأمام هذا الصراع الدائر بين الحكومة والمعارضة بخصوص مشروع التغطية الصحية الاجتماعية، يعاني الكثير من المغاربة من أوضاع صحية صعبة، خاصة ذوي الأمراض المزمنة والمسنين في ظل ارتفاع تكلفة العلاج والتطبيب وانقطاع بعض الأدوية من الصيدليات، وتراكم رسوم الاشتراك في “أمو-تضامن”، مما يزيد من تفاقم أوضاع شريحة كبيرة من المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم أمام تحمل مصاريف علاج أقربائهم الكبار في السن في انتظار أن تعيد الحكومة حساباتها ومعايير الاستفادة من التغطية الصحية المجانية التي حرم منها عشرات الآلاف من المغاربة.