آلمنا كثيرا استشهاد القائد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على يد جنود الكيان الصهيوني وقبله استشهاد القائد الكبير الذي ملأ العالم وشغل سمعه وبصره المجاهد الشيخ إسماعيل هنية، وقبلهم سلسة من القادة والمجاهدين وأبناء الشعب الغزاوي الصامد، حتى أنه في بعض الأحيان لتحس بفتور العزيمة وتحس بذبيب الهزيمة ينسدل على القلب كأنه سيل عرمرم.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!صحيح أن الشهيد لا يموت، صحيح أن السنوار لقي ربه مقبلا غير مدبر، صحيح أن القائد إسماعيل هنية نال ما تمناه وهو الشهادة في سبيل الله، صحيح أن أهل غزة هم الأحياء ونحن الموتى، لكن للشيطان وجنوده أساليب ينفذون بها إلى القلب ليعيثوا به فسادا وظنونا، لكن عندما تتجه صوب كلام الله سبحانه وتعالى لا تجده إلا يبعث فيك روحا من الثبات واليقين، ثبات على الحق ويقين بنصر الله الذي لا يخيب.
القارئ لتاريخ الإسلام لا يجد فيه إلا تثبيتا للقلب ويقينا بالنصر، فها هم بعض أهل جزيرة العرب يرتدون عن الإسلام بعد موت خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، وهاهم خيرة الصحابة من الحاملين لكتاب الله يستشهدون في حروب الردة، لكن شاء الله أن يُمكن للإسلام ولأهل الإسلام، وبعد أن ملأ الإسلام الأرض شرقا وغربا، وبعد أن استكان المسلمون للدنيا وتركوا فريضة الجهاد وضيعوا الفروض وتركوا الحقوق واستقالوا من مهمة الشهود على الناس، بعث الله عليهم من طمع بأقدس أرض وأقدس مسجد بعد المسجدين الحرام والنبوي وهو المسجد الأقصى ومن يأخذ أرضهم ويسبي نسائهم، فكانت الحملات الصليبية التي أثخنت في أمة الإسلام قتلا وتشريدا حتى إذا نهض بعض القادة المسلمين يحملهم عشقهم للشهادة وتطلعهم لنصرة الإسلام وتحرير الأوطان استشهدوا قائدا تلو القائد من القائد كاغبوغا إلى السلطان الشهيد عماد الدين زنكي حتى جاء جيل صُنع على أعين العلماء والمصلحين، فقادهم السلطان العادل صلاح الدين وحرر قدس الأقداس والمسجد الأقصى المبارك وذكر الصليبيين بأن المسلم قد يتعب من الجهاد أو يتقاعس عنه لكنه أبدا لا يتخلى عنه ولا يتخلى عن ربه وطريق نبيه صلى الله عليه وسلم.
وشاء أن يسلط الله على المسلمين بعد ذلك جحافل المغول حتى قال بعضهم أن ساعة القيامة أزفت وأن هؤلاء ما هم إلا يأجوج ومأجوج، وكل قائد مسلم تصدى لهم إلا وكان مصيره الموت كالقائد السلطان علاء الدين الخوارزمي وغيره، فملَك المغول البلاد والعباد وعاثوا في الأرض فسادا وخرابا وتدميرا وملأوا قلوب العباد خوفا ورعبا، حتى خرج من يذكر الناس أن المغول ما هم إلا بشر ينزفون كما ينزف جميع البشر وما هم بمخلوقات نارية ولا خارقة فكان السلطان قطز وصديقه الظاهر بيبرس سيف الله المسلط على رقابهم، فأنقذوا بذلك أمة الإسلام في معركة عين جالوت الخالدة، وشاء الله بعدها أن يمتد الإسلام ويستمر المسلمون في أداء رسالتهم في الشهود ووظيفتهم في عمارة الأرض وعبادة الله تعالى التي هي سبب وجود الإنسان على الأرض.
وكما هي سنة الله في تذكير عباده المؤمنين عند غفلتهم وبعدهم عن الله وعن حقيقة وجودهم في الأرض، بعث الله من يحتل أرض المسلمين ويستعبدهم ويعيث فيهم قتلا وأسرا وتدميرا فما كان إلا ان خرج من رحم الأمة من يقول أن المسلم عزيزا بإسلامه قويا بإخوته منصورا بربه فقادوا الجهاد وأحيوا سنة الموت فيي سبيل الله، فكان الخطابي والمختار والجزائري والحسيني وغيرهم، فاستشهدوا جميعا وانتصر المحتل حتى خارت قوى الناس وانصاعوا للأمر الواقع، حتى المحتل استكان وما عاد يعتبر نفسه محتلا بل صاحب أرض، لكن سنة الله ماضية في نصر عباده الصالحين فطُرد المحتل بيدي أبناء الوطن، عباد الله المخلصين.
وها هي فلسطين تحتل، وها نحن نرى رأي العين الصهيوني يعربد في مسجد الله الأقصى ويقتل في المسلمين ويسفك دماء النساء ويستمتع بتمزيق أشلاء الصبيان، وهاهم قادة المقاومة يستشهدون الواحد تلو الواحد، وكل يوم نسمع عن عشرات الشهداء، حتى يزيغ القلب ويشك في نصر الله، لكن الله تعالى يجيبنا في كتابه بقوله عز وجل {{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }} البقرة 214
الأستاذ، بلال أكروح
فاس – المغرب