أكد المشاركون في مائدة مستديرة نظمت اليوم السبت ضمن الدورة الثالثة من المهرجان الدولي “روح الثقافات” أن الصناعة التقليدية تعد رافعة حقيقية لتعزيز التقارب الثقافي وجسراً تاريخياً بين المغرب والأندلس. وقد سلط هذا اللقاء الذي حضره مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور أندري أزولاي وعامل إقليم الصويرة عادل المالكي وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية والفنية، الضوء على التأثير المتبادل بين المهارات الحرفية على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!وفي هذه الندوة حول “الحرف اليدوية كتراث حي .. التراث المادي ونقل المعارف”، أوضح مدير حماية التراث والابتكار والإنعاش بكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، موحا الريش، أن الصناعة التقليدية تتجاوز كونها مجرد قطاع اقتصادي، بل تعد علامة قوية للهوية وشاهدة على تاريخ مشترك بين المغرب والأندلس.
وأشار الخبير في الفنون الفاخرة بإشبيلية، خوسيه دي ليون، إلى أن “المبادلات الثقافية التاريخية التي استمرت لقرون بين المغرب والأندلس ساهمت في تشكيل جماليات وتقنيات حرفية فريدة، مما يعكس تراثاً مشتركاً تتوارثه الأجيال”، مؤكداً على أهمية نقل الخبرات للحفاظ على أصالة وروح المهن الفنية.
كما أبرز الخبير باكيلي التأثيرات المتبادلة بين الأندلس والمغرب في تطوير تقنيات الجمال، والتي تظهر جلياً في الأزياء التقليدية ومجوهرات الزينة. وفي سياق ذلك، شدد الخبير يوسف جدي، المتخصص في فن الترصيع، على أهمية ملاءمة الصناعة التقليدية مع التحديات المعاصرة مع الحفاظ على الأصالة، مشيراً إلى أن “تحديث الأنشطة الحرفية لا ينبغي أن يؤثر سلباً على الخبرات المتجذرة، بل يجب إبرازها وترويجها في الأسواق العالمية”.
وتحدث المعلمان الصائغان، عبد الحفيظ الصابي وعبد الجليل بسيس، عن غنى “الدك” الصويري، كحلي رمزي يعكس التأثيرات المتقاطعة بين اليهودية والأمازيغية والعربية والأندلسية، مما يظهر التاريخ المتعدد للصويرة.
من جانب آخر، أكد المتدخلون على ضرورة حماية الصناعة التقليدية من تحديات العولمة وندرة المواد الأولية وتطور الممارسات الحرفية، داعين إلى تعزيز برامج التدريب المخصصة للأجيال الشابة، بالإضافة إلى تقديم المزيد من الدعم للصناع التقليديين لضمان استدامة هذا التراث الحي.
وبفضل هذه البرمجة الغنية والمتنوعة، يواصل المهرجان الدولي “روح الثقافات” ضمن شراكة بين جمعية شباب الفن الأصيل للسماع والتراث والزاوية القادرية بالصويرة ومؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط ومؤسسة ماتشادو بإشبيلية، التأكيد على دوره كجسر بين الثقافات والتقاليد، مما يجعل من مدينة الرياح نموذجاً حياً للحوار والتعايش المشترك. وتستمر دورة هذا العام تحت شعار “روحانياتنا المشتركة .. بين الأخلاق والجمال” حتى 23 فبراير الجاري، مقدمة حفلات موسيقية ومساحات للتفكير والحوار حول الروابط العميقة التي تتجاوز الحدود الثقافية والدينية.