قدمت مجموعة الطقوس الصوفية في إسطنبول، مساء الأحد بفاس، تجربة روحية مميزة أثرت جمهور الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، حيث انتقلوا إلى عمق التقاليد الصوفية لمولانا جلال الدين الرومي. وفي فضاء باب الماكينة التاريخي، أبدعت طقوس السماع بشكل خاص، مما جعل الحاضرين ينخرطون في تأمل كوني يعزز من الهدوء وسمو الروح. وقد حققت هذه الدورة، المدعومة برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع “انبعاثات”، تجسيدًا لاستمرارية وحيوية التقاليد الروحية عبر أداء الفرقة التركية.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!لم تكن الأمسية مجرد عرض فني بل كانت بوابة لاستكشاف أسرار التصوف، حيث تداخلت الموسيقى والحركات والأزياء وحتى الصمت لخلق أجواء تفيض بالخضوع والسمو الروحي. وفي قلب هذه التجربة، أسَرَ الدراويش الراقصون الحضور بحركاتهم الدائرية المتناغمة، مرتدين أرديتهم البيضاء الطويلة (التنور)، التي ترمز إلى الطهارة، وتيجانهم المخروطية المصنوعة من اللباد (السِكّة) التي تمثل شاهد القبر للذات.
دورانهم، الذي يبدأ ببطء ثم يتسارع تدريجياً، كان تجسيداً حياً للنظام الكوني، مذكراً بدوران الكواكب حول الشمس وحركة الذرات، وفي النهاية، يعكس الروح البشرية التي تدور حول مركزها الإلهي في رحلة نحو التوحيد. وقدمت الفرقة طقوس السماع كمعمار رمزي معقد، مستلهم من تعاليم الشاعر والمتصوف الكبير الرومي، حيث تحمل كل مرحلة من الطقوس، وكل “سلام” (تحية)، دلالات روحية عميقة.