شهدت مدينة فاس ليلة الخميس, ليلة استثنائية لا تُنسى، حيث تم الاحتفال بالذكرى الرابعة والأربعين لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو من خلال عرض موسيقي فريد في فضاء باب الماكينة التاريخي.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!جمع هذا الحدث الفريد، الذي أُقيم ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، 108 فنانين مغاربة من موسيقيين ومُنشدين ومتصوفة، الذين توحدوا في ملحمة صوتية وروحية نادرة للاحتفاء بالغنى الفني للتراث الأندلسي المغربي.
تحت قيادة المايسترو محمد بريول، قائد الأوركسترا العربية الأندلسية بفاس، ضم العرض 44 موسيقياً بارعاً من مدرسة “الآلة” و44 منشداً صوفياً من مختلف الزوايا بالمغرب بقيادة الشيخ علي رباحي، بالإضافة إلى 20 مريداً قدّموا إيقاعات حضرة في لحظات روحانية عميقة.
قدّم البرنامج الغني “جولة روحية” للجمهور، حيث تمتد عبر نوبات “الآلة” الإحدى عشرة وطبوع موسيقية متنوعة، مع دمج إبداعات الزوايا المغربية مثل “الميازين” و”الأدراج” في حوار متناغم مع التراث الأندلسي العريق.
استلهمت النصوص من أعمال كبار أعلام التصوف مثل عمر بن الفارض وأبو الحسن الششتري ومحمد الحراق، مما أضفى عمقاً روحياً خاصاً على العرض ومزجاً رفيعاً بين الإنشاد الروحي والمقامات الأندلسية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد محمد بريول، مدير المعهد العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي بفاس، أن هذا الحفل يُعتبر حدثاً غير مسبوق جمع هذا العدد الكبير من الموسيقيين والمنشدين في عمل فني موحد بهذا الحجم.
وأوضح أن “الموسيقى الأندلسية وإنشاد السماع الروحي ينتميان لمدرسة واحدة”، مشيراً إلى أن المريدين كانوا يتلقون تعليمهم الموسيقي في الزوايا قبل ظهور المعاهد الموسيقية الحديثة. وأضاف أن معظم المقامات المستخدمة في السماع الروحي مستمدة من المقامات الأندلسية.
وأكد بريول أن النجاح الفني لهذا العرض يعود إلى التدريبات المكثفة التي خضع لها الفنانون، مشيراً إلى أن “هذا العمل يعكس صورة بلادنا، وكنا مطالبين بأن نكون في مستوى هذه المسؤولية، خاصة في تمثيل الهوية الوطنية التي نعتز بها”.
واختتم بالقول إن هذا العرض يُعتبر تتويجاً لمهرجان فاس للموسيقى الروحية واحتفاءً بتراث المدينة التي حظيت باعتراف دولي منذ إدراجها في قائمة اليونسكو.
وتفاعل الجمهور بحماس مع الحفل، حيث ملأوا جنبات باب الماكينة، مما أعطى انطباعاً كبيراً بإعجابهم بمهارة العازفين وعمق الرسالة الروحية التي نقلها هذا العمل الفني الجماعي.