في قلب المرتفعات الخضراء بمنطقة سيدي بنعيسى التابعة لجماعة لواتة في إقليم صفرو، تُشكل تعاونية نسائية مثالًا واعدًا لمستقبل اقتصادي مستدام لأعضائها، بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. تتخصص تعاونية “منبع الصحة والجمال”، التي أُسست في عام 2022، في استخراج الزيوت الطبيعية ومعالجة النباتات الطبية والعطرية. يقع مقر التعاونية على تلة تطل على واد سبو والسهول المجاورة، حيث يجتمع يوميًا ثمانية أعضاء نشيطين، من بينهم خمس نساء وثلاثة رجال، الذين يعملون بشغف على إنتاج مستحضرات تجميل طبيعية للعناية بالبشرة والجسم. وتعتمد هذه المنتجات، المشتقة من مكونات محلية، على تقاليد عريقة تُوظف وفق منهجيات حديثة تراعي البيئة.
يرجع جزء كبير من نجاح هذه التعاونية إلى الدعم الذي تقدمه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث زودت التعاونية بتجهيزات متطورة، ومواكبة تقنية ميدانية، بالإضافة إلى دورات تكوينية موجهة في مجالات الإنتاج والتدبير والتسويق. وفي هذا الإطار، أعربت الرئيسة سميرة تيشوت عن “فخرها الكبير” بما تم تحقيقه خلال ثلاث سنوات فقط، مشيرة إلى أنهم بدأوا بإمكانات متواضعة، لكن جودة منتجاتهم وزيادة الطلب دفعتهم للتوسع، مما استدعى الدعم من المبادرة الوطنية في مرحلة التطوير الجديدة، وهو ما كان له أثر كبير على تعزيز الإنتاج وهياكل التعاونية.
ساعد هذا الزخم التعاونية على الحصول على شهادة المطابقة الصحية من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، مما يعد مؤشرًا مهمًا على جودة وموثوقية المنتجات في السوق الوطنية لمستحضرات التجميل الطبيعية. وأعربت السيدة تيشوت عن شكرها العميق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على إطلاق هذا المشروع الملكي الرائد، وكذلك لفريق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم صفرو على دعمهم المستمر.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم صفرو، عادل الزهيري، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منحت منذ انطلاقتها أهمية كبيرة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني. أضاف الزهيري أن “التعاونيات تمثل ركيزة أساسية لتحسين ظروف عيش المواطنين، خاصة في المناطق القروية، لذا فهي تحصل على دعم مادي ومتابعة مستمرة من إدارتنا”. وأشار إلى أنه في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة، تم تمويل 17 تعاونية في إقليم صفرو، تعمل في مجالات متعددة مثل الزراعة والصناعة التقليدية والتحويل الغذائي، وهناك 14 مشروعًا جديدًا قيد الدراسة لمواكبتها بدءًا من عام 2025.
كما أكد على أهمية التكوين وتثمين المنتجات والتسويق، خاصة من خلال مشاركة التعاونيات في المعارض الوطنية والدولية، مما يسهم في تعزيز وجودها وزيادة قدرتها التنافسية وفتح آفاق تسويقية جديدة. يهدف البرنامج الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والذي يشمل هذا الدعم، إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب والنساء عبر توفير فرص حقيقية للتشغيل الذاتي والعمل المنتج، ويرتكز على تحليل سلاسل القيمة المحلية ودعم الهياكل القابلة للتنمية المستدامة. بفضل هذا النهج الشامل، تبرز تعاونية “منبع الصحة والجمال” اليوم كنموذج ملهم للنجاح المحلي، يجمع بين المهارات التقليدية والابتكار وروح المبادرة الجماعية.