تبرز جمعية “النور لتسريع الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء المعاقات جسدياً” في مراكش كجهة فاعلة ملتزمة بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك الصم والبكم، من خلال مشروع مبتكر يعتمد على التطريز التقليدي، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار مرحلتها الثالثة (2019-2025).
حصل المشروع على دعم مالي من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بقيمة 960 ألف درهم، مما ساعد في شراء معدات متخصصة، ومواد للتطريز، وشراء سيارة ملائمة لنقل المستفيدات في أوضاع هشة.
تستقبل الجمعية، التي تقع في حي شعبي في المدينة الحمراء، حوالي أربعين امرأة أسبوعيًا، في مقر تم تهيئته على شكل ورشة عمل جماعية، حيث تزين جدرانها بزخارف أمازيغية وأندلسية تعكس المهارة التي تُمارس في هذا الفضاء يومياً.
في جو من الهدوء والتضامن، تتجمع المستفيدات حول طاولات كبيرة، وهن يمسكن بالخيوط لتطريز مفارش المائدة، والوسائد، والملابس التقليدية وقطع الديكور.
تجد بعض النساء في هذا الفضاء مكاناً للعمل والاستماع، وللتبادل وإعادة بناء الذات. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أفادت رئيسة الجمعية نورة نعام بأن التطريز يتجاوز كونه حرفة، بل هو أداة حقيقية لإعادة بناء الذات، موضحة أن كل تصميم من إبداع هؤلاء النساء يرمز إلى الصمود ومكافحة الإقصاء.
وأشارت إلى أن “الدعم القيّم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أتاح لنا تحسين خدماتنا، واستقبال المزيد من المستفيدات، وتقديم بديل ملموس لهن عن العزلة والتبعية”.
في ورشات الجمعية، تنتج النساء في وضعية إعاقة حركية والصم والبكم قطعاً فنية جميلة مستوحاة من التراث المغربي، مع إضافة لمسات من الحداثة. وقد أصبح هذا النشاط بالنسبة للبعض دعماً حقيقياً للتغيير وليس مجرد وسيلة لقضاء الوقت.
مثلما هو الحال مع نزهة، البالغة من العمر 42 عاماً، والتي تعاني من السرطان، حيث تقول بتواضع: “عندما فقدت عملي بسبب المرض، شعرت بالعجز. ولكن هنا وجدتُ مساحة للحياة ومشغلاً يُساعدني على الاستمرار، لا سيما بعد أن تلقيت المساعدة في الحصول على الأدوية. التطريز منحني القوة وجعلني أشعر بالسلام.”
تسعى الجمعية أيضًا إلى تعزيز مهارات أعضائها والمساهمة في إدماجهم الاقتصادي والاجتماعي، خاصةً من خلال تسويق إبداعاتهن في الأسواق المحلية ومعارض الصناعة التقليدية.
تُظهر بيانات قسم العمل الاجتماعي بعمالة مراكش أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دعمت منذ 2019 نحو 127 مشروعًا مماثلاً في المنطقة بتكلفة إجمالية تقدر بـ39 مليون درهم، منها 36 مليون درهم من مساهمة المبادرة.
تسعى هذه المشاريع لتلبية الأولويات ضمن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لتعزيز إدماج الفئات الهشة، ودعم الاقتصاد الاجتماعي، وتحسين ظروف العيش عبر مقاربات مبتكرة ومستدامة.
تستمر جمعية “النور” التي تأسست في 2019، في بث الأمل في نفوس النساء اللواتي كن لفترة طويلة غير معروفات، وفي جو مفعم بالود، حيث تحكي كل غرزة مطرزة وكل قطعة مكتملة قصة من الشجاعة والتضامن وتجاوز تحديات الإعاقة.