Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!
كل مكون من المكونات ايا كان مجاله سياسيا أم اجتماعيا خدميا ام اقتصاديا تجاريا ام علميا ، لا يمكنه تسجيل حضوره بثقله وما يميزه ما لم يمتلك أدوات التعبير عن ذاته والدفاع عن نفسه في معترك ميدانه ! ومع تلك الأدوات فن التعبير نفسه بما يجعل صورته الالمع في فسيفساء المجتمع .
هنا عن الصحافة نتحدث ، عن الخبر ، والتقرير ، وصورة المشهد ، وقراءة الوقائع ، والرد على الادعاءات ، وتبيان الحقائق وكشف نقيضها من الزيف والتلفيق ! ودحض الشبه ، وقراءة الأحداث بما يقتضي فهمها وفهم حيثياتها على الوجه الصحيح .
فالصحافة للمكون كالروح للجسد ، بدونها لا يكون ، وبالتقصير في امتلاكها يكون لكن بإعاقة تمنعه من السير إلى وجهته وتحقيق أهدافه . وهذا حال كثير من المكونات السياسية والحزبية والاجتماعية الخدمية بل حتى على مستوى جهات حكومية لا تأخذ حقها الكافي في مساحة الإعلام الرسمي مثلا .
فكل حزب سياسي ، له مشروعه السياسي ، مبادؤه ، وخلفياته ، وبرامجه وثوابته ومتغيراته واستراتيجيته العامة وتحالفاته ولائحة أعداء وأخرى للأصدقاء ، ومشروعه هذا مجرد حبر على ورق تم تسطيره لينجز ويتحقق على ارض الواقع ، وارض الواقع هي حجر الزاوية في ترجمة ذلك المشروع الى أفعال ، إنها الركن الثاني من أركان الاتصال الأربعة ! (المرسل والمرسل اليه واداة الإرسال والرسالة )
فالحزب بكوادره يعتبر الركن الأول وهو المتصل المرسل الذي سيعبر عن ذاته ومشروعه في الواقع ، وارض الواقع( المجتمع ) هو الركن الثاني الذي سيتلقى ذلك المشروع ويستوعبه ويتفاعل معه سلبا او ايجابا بــ(لا او نعم) اي هو المرسل إليه ، والمشروع السياسي هو الركن الثالث الذي يمثل الرسالة ، واداة التعبير (الصحافة) بادواتها هي اداة الاتصال ! وهي الركن الرابع.
فلا يمكن للمشروع السياسي للحزب ان يظهر ما لم يكن له أداة اتصال (الصحافة ) ولا يمكنه ينجح ما لم تكن أداته ذاتها ناجحة بالمعايير العلمية والعملية والفنية ، وعلى قدر جودة الأداة وأدائها يكون نجاحه .
كل حزب مهما كانت قاعدته الجماهيرية ، ومهما كانت صلابة مبادئه ونظافتها ، ومهما كانت قوته العلمية ، ومهما امتلك من أطر على أعلى مستويات القيادة ، يبقى مجرد مصنع لا يمتلك خط إنتاج ما لم يكن حاضرا بثقله الإعلامي حضورا يتناسب مع حجمه ، ليكون ذلك الحضور على اتصال مع المجتمع يعرفه برسالته ومشروعه ويقنعه بالاصطفاف في مصافه ، ويحميه من كل مشروع نقيض ، أو كل ما يشوش على حالة الاتصال في إطار المدافعة الفكرية والسياسية والنقابية ايضا.
وكما تتسع دائرة الحزب وافاق مشروعه وتتسع فروعه ودوائره ومكاتبه يجب بالتوازي مع ذلك أن تتسع اداة اتصاله بالمجتمع (الصحافة ) هذا يتطلب امتلاك رؤية بدراسة جدوى دقيقة لمشروع إعلامي موسع ، ونظرة استراتيجية تبني للمستقبل ، لا يكفي ان يمتلك في اطار هذا كله ( اداة الاتصال ) : الصحافة وإنما يجب ان يمتلك صناعة الصحافة ذاتها كما يصنع قادته وكوادره الأساسيين… فنتاج الكادر ونشاطه ..يحمله الصحافي والإعلامي إلى المجتم ويقربه له ويحرضه عل تبنيه والالتزام به
وصنعة الصحافة تشمل فعل كل ما يلزم ليكون للحزب او اي مكون كان ، كادره الإعلامي المسلح بالقرطاس والقلم وكل أدوات الصحافة ، ومراكز الالتحاق ، وأخرى للتكوين والتدريب والإعداد ، وخطة شاملة لاسقطاب الطاقات والمبدعين من عناصره في كل الدواىر العلمية من تلاميذ وطلبة وأطر ، وانتشار مدروس لمهام عناصره الإعلامية في المعترك الفكري والسياسي ، بكل اصنافه المكتوبة والمسموعة والمرئية وفي الفضاء الإليكترني لاحتواء الذباب المشوش على المسار.
ان حالة الإخفاق التي تعيشها كثير من الأحزاب ترجع عند اتأمل الى الافتقار إلى التفوق الصحافي او على الاقل توازنه مع مناوئيه ما يجعل الحزب وان أنجز في مسيرته المنجزات العظيمة ، لا يجد لها صدى في واقع الأمر بل على النقيض تلفق إليه الإخفاقات وينسب إليه الإهمال والضعف ، ويركب غيره ممن يمتلك التفوق الإعلامي على إنجازاته ومشاريعه فيسوقها بنسبتها إلى ذاته وإنجازاته … ويسحر بها أعين الناس باسترهاب لا يتوقف!
ما لم تمتلك صحافة قوية ، فلن تكون قويا ، وحتى ما تنجزه يبقى في أفق ضيق لا يتجاوز حدود دوائرك ، وحتى حضورك الفعلي في الميدان بالكلمة والمحاضرة والمظاهرة ما لم تمتلك قوة إعلامية لتسويقها على اوسع نطاق فسيظل أثرها محدودا لا يتجاوز الشارع الذي احتواها .. وما أضيقه في مجال المجتمع الفسيح . الامر هنا أشبه بخطبة جمعة في قرية صغيرة نائية لايسمع عن امرها أحد ! فنسبة تاثير الخطبة وصداها على غير اهل القرية صفر بالمائة بالتأكيد .
مهما امتلكت من الرسائل .. ومهما عرفت طبيعة من سترسل إليه .. ما لم تمتلك اداة الاتصال الناجحة .. فالارسال لن يتحق ..وستبقى رسائلك حبيسة الأدراج ولن يطبع أوراقها ناشر.