اعلنت ايران النصر .. كما أعلنته إسرائيل .. وكلاهما احتفل به احتفالا باهتا يعكس فقدان المصداقية في الاعلان..كما يعكس حجم الخسارة التي اصابت كليهما في حرب خاطفة كانت اختبارا حقيقيا لقوتيهما اكثر منها حربا يظهر فيها المنتصر من المهزوم ! لم يتقبل أحد إعلان النصر من الطرفين
ماذا لو كانتا أعلنتا الهزيمة معا .. لربما كان العالم سيتقبل ذلك..لما مني به الطرفان من دمار في البنية التحتية ، واخر نفسي بعد ان خيمت الحرب النووية على الأجواء وابقت شعبيهما تحت ضغط نفسي هائل .. وسادت هواجس باتساع رقعة الحرب لتصبح عالمية ايضا !!
لغة الأرقام اصدق من ايران وإسرائيل وبها يمكن تمييز من انتصر ! وهي معروفة للجميع!
فإسرائيل انهزمت .. وإيران انهزمت .. ولكن هزيمة إسرائيل أعمق وأكثر استراتيجية من إيران !
وبدون ان نطيل في الإحصاءات فما تكبدته إسرائيل من دمار في البنية التحتية العلمية والابنية لا يمثل شيئا أمام كسر غطرستها وكبريائها وتهويلها ، فقد مرغت إيران أنفها في التراب ذلا وصغارا حين أثبتت للعالم أن إسراىيل نمر من ورق .. ولولا تدخل امريكا واوروبا وراءها لكانت إسرائيل استسلمت في الأسبوع الأول او لفر جيشها وعاد سكانها من حيث أتوا ..ليس فقط لأن الصواريخ الإيرانية قاتلة بل أيضا لأن البنية العسكرية والاجتماعية والبشرية لإسرائيل من الضعف والهشاشة والجبن والهوان في غاية النهاية !! فإلى متى كانوا سيعيشون في الملاجىء والخنادق والحفر والصرف الصحي !!
خسارة إسرائيل الاستراتيجية إذن هي خسارة بدأتها في غزة حين لم تستطع القضاء على المقاومة وحكم غزة (وليس احتلالها )؛ واكملتها وختمتها على يد ايران حين رآها العالم تصرخ وتنهار أمام دولة واحدة فكيف لو اجتمعت عليه جيوش المسلمين جميعا !
بالامس القريب فقط خرج علينا الناطق باسم جيش الكيان ليعلن أن إسرائيل قادرة على خوض الحرب مع جميع الدول العربية في وقت واحد !
الآن ..حربها مع إيران أثبت أنه كاذب ..وأضعف من ان يخوضها جوا .. فضلا على أن يخوضها برا مع أي دولة عربية !!
ولنتصور مثلا تعافي سوريا ..ماذا تتصور لو أعلنت الحرب على الكيان ! انا جازم أنها ستأكله زحفا ..وتهدمه بيتا بيتا !!
اذن هذه الخسارة الاستراتيجية ..كافية لأن نقول بأن إسرائيل انهزمت ..وأن إيران ربحت الثقة بالنفس في قدرتها على خوض الحرب مع إسرائيل وتحطيمها ..لكن الرابح الأكبر هو دول السنة هنا ! هم من تعلموا الدرس فان لم تكن الدول فعلى الاقل شعوبها.. ايقنوا ان الكيان كما يقول المصريون ولا أجد الذ من تعبيرهم هنا : ( من جوا يعلم الله )!! : نمر من ورق !
لكن هذا لا يعني مطلقا أن إيران انتصرت ..ولا نحتاج الى ادلة كثيرة لإثبات ذلك فيكفي الطريقة المذلة التي اتفقت بها على وقف إطلاق النار.. وقصفت بها قاعدة العديد . حتى سخر منها العالم..وشكرها ترامب ساخرا!! . ويكفي صمتها بعد الاتفاق لما قتلت إسرائيل منها العشرات ..وزادتها دمارا على الابنية والمفاعلات ..فالمنتصر يملي شروطه ولا يخاف من العودة الى الحرب اذا انتهكت..ولا يقبل بقتل جنده إذا اوقف القتال !! إيران لم تفعل ..وقبلت بالإهانة ! والإهانة والنصر لا يجتمعان!!!
أما خسائرها فقد تكبدت خسائر هائلة تخص برنامجها النووي خلاصتها على أقل تقدير ، تأخير إنجازه سنين عددا ! فعلى تقدير التسليم أن المادة الخام من اليورانيوم المخضب قد تم نقله إلى مكان آمن بعيد عن المفاعلات الثلاثة التي تم استهدافها من قبل الطيران الأمريكي (وبعده الاسرائيلي) ، فالبنية التحتية للمفاعلات نفسها لحقها من الدمار ما جعلها مجرد حطام لا جدوى منه .
وبعبارة مختصرة لم يعد هناك بنية تحتية تمثل مفاعلات يمكن استخدامها لبرنامج نووي فاعل .وكل محاولة لاعادة بناء تلك المفاعلات ستتطلب سنوات أخرى ، ومسارات أخرى من المدافعة والمغالبة مع الغرب الجاثم على صدر ايران ومشروعه النووي .
كما تكبدت ايران خسائر غير مسبوقة في العقول النووية فالعلماء النوويون الذين اغتالتهم إسرائيل رصيد يفوق قيمة المفاعلات ذاتها وهذا يجرنا إلى خسارة استراتيجية استخباراتية اظهرت أن البنية الٱمنية لإيران في غاية الضعف والهشاشة الى درجة ٱنها فاوضت على امن وليها الفقيه خامينئي رأس النظام الإيراني بعد ان تم استهداف قائد الحرس الثوري … ومن خلفه .. ثم من خلفه .. ومستشارون لخامينئي وجنرالات (بالجملة ) ورجال دين ..ناهيك عن استعمال إسرائل عمق الاراضي الإيرانية ذاتها قواعد عسكرية لانطلاق الطائرات بدون طيار ! .. ما هذا ؟؟!!!!! حتى أدركت إيران أنها اختُرقت اختراقا أمنيا لا مثيل له في الحروب، فأيقنت ان رأس نظامها( خامينئي) اصبح فعلا في المرمى الإسرائيلي وهددت وتوعدتها بالويل والانتقام إن هي أقدمت على اغتياله !
هذا الاختراق الذي كان سبب هزيمة إيران هو ما جعل أردوغان يعلن نصيحته للدول العربية جميعا بالحذر من الاختراق الٱمني الإسرائيلي لأجهزتها كما وقع لإيران الآن !!!
كل يوم كانت إيران تتآكل ويموت قاداتها تباعا في أعلى هرم السلطة ، حتى بقي للمراقبين احتمالان اثنان: .. إما أن نظام إيران سيسقط إذا استمرت الحرب ..وإما أنها ستندلع حرب عالمية ثالثة اذا تشكل مع إيران محور عالمي ضد المحور الغربي الإسرائيلي .. وهذا ليس كلامي انما هو كلام الصين وروسيا على لسان قادتيهما !!
نعم لقد ربحت إسرائيل من هزيمة إيران أرباحا كذلك.. لكنها لم تنتصر! كما اوضحنا أعلاه .
أما الرابح الأكبر من هزيمة إيران بلا الشك فهم العالم السني أيضا ..وغزة أيضا وفلسطين كلها !
لماذا ؟ أليست إيران دولة الإسلام وحامية غزة ؟؟؟!
الجواب : لأن الاستقواء الإيراني في العراق أعطى انطباعا بل دليلا على أن المشروع الشيعي الإيراني لا يتلاقى مطلقا مع الوجود السني، فمخطط استئصال السنة من العراق وتهميشهم سياسيا واقتصاديا وممارسة اقسى انواع الاضطهاد عليهم والتحالف مع (الشيطان الأكبر: امريكا )لممارسة الشيطنة عليهم وتصنيفهم في خندق الإرهاب والتطرف كل هذا أكد أن إيران تمثل باستقوائها خطرا على الوجود السني أنظمة وشعوبا فهي بذلك خطر على العالم السني فردا فردا !! وطابور خامس لاحتلاله فلا أحد يجهل ان ايران عبدت الطريق لامريكا لاحتلال العراق !
لم يقف الامر عند العراق بل جاء الدور على سوريا ليشهد العالم أبشع مظاهر الطغيان والظلم الذي مارسته إيران مع الطاغية بشار الأسد والمجرمين الروس على شعب سوريا السني المسالم الأعزل ، فما كشفته المعارضة السورية من إبادة جماعية وتقتيل باسم المذهبية الشيعية الامامية الايرانية اكد للعالم مرة أخرى أم إيران تتبنى مشروعا شيعيا استئصاليا يقوم على استئصال السنة وإبادتهم…وهذا لا تخفيه فمنذ نشأتها وهي تهدد دول المنطقة دولة دولة .. وهذه المرة بشراكة مع احتلال آخر هم الروس.
وبناء عليه فهزيمة إيران في مشروعها النووي يعتبر رحمة للعالم السني من الغطرسة الإيرانية واستقوائها على المنطقة والسنة عموما ويكفي ان تطلع على وضع سنة الأحواز في الداخل الإيراني وحقوقهم المسلوبة لتدرك حقيقة موقف ايران من اهل السنة عمليا بغص النظر عن شعارات في غزة وقنواتها !!(افتح غوغل فالمادة في الموضوع دسمة موثقة)
نعم نحن نأسف ونتحسر حين نجد من يشكل تهديدا لإسرائيل ويرفع شعار الإسلام ، هو نفسه من يهدد الدول السنية ، ويترجم تهديده للسنة عمليا في العراق وسوريا ودول المنطقة أكثر من ترجمته في قتاله لإسرائيل ..فقتاله لسنة العراق دام ثلاثا وعشرين سنة ، وقتاله لسنة سوريا دام ثلاث عشرة سنة بينما قاتلت إسىرائيل لفترة أسبوعين !!! وخرجت تقول (يا حيطة داريني ) !!
ضرب الله الظالمين بالظالمين !! وانهزمت إسرائيل كما انهزمت إيران .. وحان الوقت ليستثمر الرابح الأكبر (العالم السني) دروس هذه الحرب، فايران وان انهزمت فقد أعطت درسا في أهمية الاستعداد الاسترتتيجي للمعارك ..وهو درس تشكر عليه,فقدراتها الدفاعية والصاروخية وفي مجال الطيران بدون طيران مثلا كانت وليدة إرادة وتخطيط وعزم وإصرار وجدية في الإعداد ، ألا تستطيع دول السنة استيعاب هذا الدرس ؟!؟
وفعل ما يلزم من الإعداد ترهب به عدو الله وعدوها الاول : الصهاينة !!!
حقوق الطبع محفوظة لجريدة القرب 2024-2025 ©