بعد سنوات طويلة من الجهاد والمقاومة، انتقل القائد محمد الضيف إلى الرفيق الأعلى شهيدًا في معركة طوفان الأقصى التي قادها مع إخوانه في المجلس العسكري، تاركًا وراءه تاريخًا مليئًا وبصمات واضحة في الساحة العسكرية الفلسطينية.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!وفي كلمة مصورة ألقاها مساء الخميس، قال أبو عبيدة: بكل فخر واعتزاز، وبعد استكمال جميع الإجراءات اللازمة والتعامل مع المحاذير الأمنية التي تفرضها ظروف المعركة، وبعد إجراء التحقق اللازم واتخاذ كافة التدابير ذات الصلة، فإن كتائب الشهيد عز الدين القسام تزف إلى أبناء شعبنا العظيم، وإلى أمتنا، ولكل أنصار الحرية والمقاومة في العالم، خبر استشهاد مجموعة من المجاهدين الكبار والقادة الأبطال من أعضاء المجلس العسكري العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، وعلى رأسهم شهيد الأمة القائد محمد الضيف، قائد هيئة أركان كتائب القسام.
الجيل المؤسس
ارتبط اسم محمد الضيف بالمقاومة الفلسطينية منذ التسعينيات، حيث كان أحد أبناء الجيل الأول من القساميين، وأصبح رمزًا للبطولة والتخفي. ورغم عدم ظهوره، كانت بصماته واضحة في المشهد العسكري الفلسطيني. على مدار أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، متجاوزًا محاولات الاغتيال المتكررة، ليصبح كالشبح الذي يؤرق الاحتلال الإسرائيلي ويعيد تشكيل معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولًا إلى معركة طوفان الأقصى التي أذلت الاحتلال وأثبتت فشله الإستراتيجي رغم البطش والإبادة التي ارتكبها بعد يوم العبور المجيد الذي سقطت فيه فرقة غزة في جيش الاحتلال على أيدي أبطال القسام.
النشأة وبداية الطريق
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م. تتكون أسرته من خمسة عشر فردًا، وكان والده يعمل في صناعة الوسائد وتنجيد الفرش. تلقى تعليمه في مدارس المخيم كما بقية اللاجئين الفلسطينيين. نشأ في بيئة المقاومة، وتأثر بواقع الاحتلال وظروف اللجوء القاسية، مما دفعه للانخراط في الحركة الإسلامية خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة.
الانضمام لحماس
انضم الضيف إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطًا فيها، وشارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت في نهاية عام 1987م. اعتُقل في صيف عام 1989م بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة، وأمضى عامًا ونصف العام في السجن. أُفرج عنه عام 1991م ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب القسام، حيث استشهد معظمهم. بعد تنفيذ العديد من العمليات الفدائية، أصبح مطلوبًا للاحتلال، ورفض تسليم نفسه، مما جعله يتوارى عن الأنظار.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل في نونبر 1993م، حيث أوكلت إليه قيادة “كتائب القسام”. تمكن من التخطيط وتنفيذ عدة عمليات نوعية، بما في ذلك عملية خطف الجندي نخشون فاكسمان عام 1994. ومع اشتداد الخناق على المطلوبين، رفض الضيف مغادرة غزة، مؤكدًا أن “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”.
قيادة الجهاز العسكري
بعد استشهاد الشيخ صلاح شحادة في صيف 2002، تولى الضيف قيادة الجهاز العسكري. نجا من عدة محاولات اغتيال، بما في ذلك محاولة في عام 2014 خلال العدوان على غزة. منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال، وكان له دور بارز في تطوير القدرات العسكرية لحماس.
قيادة طوفان الأقصى
في السابع من أكتوبر 2023، أعلن الضيف عن انطلاق معركة طوفان الأقصى، التي أشرف عليها حتى استشهاده. ورغم محاولات الاغتيال المتكررة، ظل الضيف حاضرًا في كل مواجهة مع الاحتلال، حيث يُعتبر العقل المدبر للتكتيكات العسكرية.
عدو إسرائيل الأول
وضعت إسرائيل محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، واعتبرته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم تتمكن من الوصول إليه، مما جعله أسطورة وكابوسًا يطارد الاحتلال. رحل الضيف شهيدًا، تاركًا وراءه تاريخًا حافلًا وبصمات حاضرة يستلهم منها الأحرار درب الحرية، ويظل رمزًا للصمود في مواجهة الاحتلال.