كلمة الوقفة التضامنية المنظمة اليوم: الأحد 08 يونيو 2025، من طرف الائتلاف المغربي لدعم فلسطين بفاس.
إعداد وإلقاء: د ادريس أوهنا
الحمد لله القائل سبحانه:
{وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ أَوْ مِتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اَ۬للَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا تَجْمَعُونَۖ (157) وَلَئِن مِّتُّمُۥٓ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اَ۬للَّهِ تُحْشَرُونَۖ (158)} آل عمران.
والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وصفوة الخلق أجمعين القائل عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها”.
الجنة والخلود للشهداء الأبرار،
والشفا والعافية للجرحى والمصابين،
وتحية فخر واعتزاز للمرابطين الصامدين،
والخزي والعار للعملاء والمطبعين.
أيها الحضور الكريم.. معشر الأوفياء للقضية المركزية: القضية الفلسطينية.
وقد مر ما يزيد عن 600 يوم من العدوان الوحشي للجيش الصهيوني من جهة، والصمودِ الأسطوري للمقاومة من جهة ثانية.. أرى من اللازم أن أقف عند رسالتين غاية في الأهمية:
الرسالة الأولى:
أوجهها إليكم أيها الحضور الكريم، أيها الأوفياء الفضلاء الذين لم تخب لكم همة ولم تنطفئ لكم عزيمة في التضامن مع إخوانكم المجاهدين في فلسطين الأبية؛
أقول لكم: هنييييئا لكم كريم الاصطفاء من الله عز وجل، فهو الذي اصطفاكم واختاركم من بين كثير من الناس؛ لتنالوا شرف النصرة المستمرة لإخوانكم في غزة وفلسطين، فوالله إنها لنعمة عظيمة ومنحة ربانية غالية مغبون فيها كثير من الناس؛ فاحمدوا الله عليها وعضوا عليها بالنواجد.
والحذر الحذر أن يؤثر على عزمكم وصمودكم تخاذل المتخاذلين وإرجاف المرجفين وتطبيع المطبعين؛ فإن لكل حرب نهاية، وعندما تضع الحرب الغاشمة أوزارها بردع العدوان بحول الله تعالى، والحيلولة دون تحقيقه لأهدافه المعلنة، ستكونون ممن نالوا شرف الوقوف مع الحق ضدا على الباطل، ومع العدل ضدا على الظلم، ومع الكرامة ضدا على المذلة والمهانة، ومع الحرية والاستقلال ضدا على الاستيطان والاحتلال، ومع المرابطين والمجاهدين ضدا على الخونة والعملاء والمطبعين، ومع الإنسانية ضدا على الوحشية والهمجية.
فأبشروا أيها الأحباب الكرام بنصر الله تعالى، وبرضوانه عز وجل؛ فما الحياة الدنيا إلا دار ابتلاء واختبار، ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض.
الرسالة الثانية:
لكل مشكك أو مرتاب في آثار المقاومة، منذ انطلاق طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 إلى الآن، ولكم أيها الواقفون المرابطون، أبين أبرز تلك الآثار التي ما ينبغي الجهل بها والغفلة عنها أبدا:
أولا: آثار المقاومة على المستوى الإيماني والروحي، وأذكر منها تمثيلا لا حصرا:
-1- رفع منسوب الإيمان بنصر الله واليقين بوعده، وإحياءُ معاني الجهاد والتوكل والصبر والعزة والكرامة والتضحية والاحتساب والثبات على الحق، في نفوس الصادقين من المسلمين.
-2- إحياء الرغبة في الشهادة في قلوب المؤمنين، والتحررُ من حب الدنيا وكراهية الموت.
ثانيًا: آثار المقاومة على المستوى السياسي والاستراتيجي:
-1- تحطيم صورة جيش الاحتلال الذي لا يُقهر، وسقوطُ أسطورته الوهمية، وإرغام هيبته الزائفة.
-2- عزل الكيان الصهيوني سياسيا وأخلاقيا على الصعيد العالمي، وإثارة الغضب الدولي على الفيتو الأمريكي في آخر اجتماع لمجلس الأمن، حيث أسقطت أمريكا قرار وقف الحرب على غزة ورفع القيود عن المساعدات الإنسانية، الذي وافقت عليه جميع الدول الأخرى؛ لتؤكد بذلك شراكتها في الإبادة الجماعية والعدوان الوحشي.
-3- كشف تواطؤ الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني، وفضحُ العملاء والمطبعين مع هذا الكيان المجرم.
-4- إحياء القضيّة الفلسطينيّة عالميًّا، بعد أن كادت تُنسى وتطوى باسم معاهدات السّلام الكاذب مع الكيان المحتل.
ثالثًا: آثار المقاومة على المستوى العسكري والميداني:
-1- إذلال جيش الاحتلال في غزة؛ بتكبيده خسائر في الأرواح والعتاد ما كان يتوقع حصولها يوما، ولا طاقة لجنوده وسياسييه بها اليوم.
-2- صمود أسطوري للمقاومة، وبراعتها في التصدي لنخبة الجيش الصهيوني، رغم الحصار، والمراقبة الجوية المكثفة، والقصف المتواصل، والفرق الهائل في الإمكانيات والآليات.
-3- ضربُ عمق الكيان من غزة ومن اليمن، وإفزاعُ الصهاينة داخل دولة الاحتلال، وإرغامهمُ على الهروب المتكرر إلى الملاجئ المحصنة.
رابعا: آثار المقاومة على مستوى الأمة وشعوبها وشعوب العالم بأسره:
-1- تصاعد روح الدعم والتضامن والنصرة في الأمة الإسلامية وفي صفوف أحرار العالم، بالإسناد المالي، وبالدعاء، وبالكلمة، وبالصورة المعبرة، وبالمقاطعة الاقتصادية، وبالتوعية والتثقيف، وبالتظاهرات والمسيرات والوقفات، وغيرها من أشكال التضامن.
-2- زيادة وعي الشباب المسلم بعدالة القضية الفلسطينية، وهمجية الكيان الغاصب، وتمردُ عدد لا يستهان منهم على السفاسف والتفاهات، استجابة لوخز الضمير ووازع الإيمان الفطري ونداء الواجب.
-3- تغيير نظرة كثير من الغربيين عن الإسلام والمسلمين، ما حدا بعدد منهم لاعتناق دين الإسلام عن قناعة ووعي.
سادسا: آثار المقاومة من داخل الكيان نفسه:
-1- تفكك وانقسام داخلي، وتراجع الثقة بالقيادات الصهيونية الحاكمة على المستوى السياسي، وعلى المستوى العسكري، وعلى المستوى المخابراتي، وتزايد المظاهرات المطالبة بوقف الحرب ومحاكمة نتنياهو وإسقاط حكومته، ما يؤذن بسقوط الكيان الغاشم من داخله قبل الخارج.
-2- تصاعد الهجرة العكسية لصهاينة الكيان نحو الخارج خوفًا من المصير الذي ينتظرهم في المستقبل.
-3- الأزمة الاقتصادية الخانقة وغير المسبوقة التي تضرب دولة الاحتلال.
سابعًا: الآثار الأخروية للمقاومة والجهاد، وهي مسك ما نختم به هذه الآثار:
-1- الظفر بالشهادة في سبيل الله لمن ارتقى في هذا العدوان، ويا لحظ من نالوا الشهادة ثابتين محتسبين، فهم أحياء، وعند من؟ عند ربهم يرزقون.
-2- الرفعة في الدرجات في فسيح الجنات، لمن صبر، ولمن ناصر، وقد رأينا صبر الغزاويين والغزاويات وثباتهم المعجز الأسطوري (ومنهم تمثيلا لا حصرا “آلاء النجار” التي فقدت تسعة من أبنائها دفعة واحدة، ثم التحق بهم زوجها أبو الشهداء التسعة، وغير”آلاء النجار” كثير).. تقبّل الله منهم جميعا ورفع درجاتهم عنده.
فلنواصل دعمنا للمقاومة أيها المرابطون الأحرار، ولنستمر في نصرة القضية الفلسطينية، ودمتم للقيام بالواجب أوفياء، وهنيئا لكم بكريم الاصطفاء، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.