منذ بداية معركة طوفان الأقصى، أظهرت حكومة حماس في غزة قدرة غير مسبوقة على الصمود والتماسك في جميع الأجهزة والقطاعات الحكومية والإغاثية والأمنية، رغم الاستهدافات والمحاولات الإسرائيلية المتعددة لاختراق الجبهة الداخلية في غزة وإثارة الفوضى، والتي باءت جميعها بالفشل.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!كان صمود القطاع الحكومي في غزة من بين أصعب التحديات التي واجهت حكومة الاحتلال، حيث كان من أهداف العدوان تدمير القدرات السلطوية لحكومة غزة، وهو ما تجلى في حجم الاغتيالات الكبير والعنيف لقادة ورؤساء المنظومة الحكومية والإغاثية داخل القطاع.
اتبعت دولة الاحتلال سياسة الاغتيالات بهدف إحداث فراغ يؤدي مع مرور الوقت إلى الانهيار ونشر الفوضى، ونتيجة لذلك فقدت غزة المئات بل الآلاف من قادة الجهاز الحكومي الذين ساهموا في تعزيز صمود وتماسك الجبهة الداخلية.
على الصعيد الأمني والشرطي، قدمت حكومة غزة مجموعة من خيرة شبابها، منهم مدير عام الشرطة اللواء محمود صلاح ومعاونه حسام شهوان، والعميد فائق المبحوح مسؤول عمليات الشرطة، والمقدم رائد البنا مدير مباحث شمال غزة، ورئيس شرطة النصيرات المقدم محمد البيومي والعقيد رضوان رضوان رئيس مركز شرطة جباليا، والمقدم أمجد هتهت مدير لجنة الطوارئ غرب غزة.
كما شملت الاغتيالات الإسرائيلية وكلاء الوزراء ورؤساء البلديات، وكان من أبرزهم وكيل وزارة العمل المهندس إيهاب الغصين، ومروان حمد رئيس بلدية مدينة الزهراء، وحاتم الغمري رئيس بلدية مخيم المغازي، وإياد المغاري رئيس بلدية مخيم النصيرات.
أما على صعيد القطاع الصحي، فقد قدمت غزة أكثر من ألف شهيد من الكوادر الصحية، بينهم نخبة من أمهر الأطباء مثل طبيب الجراحة عدنان البرش، والطبيب عمر فروانة عميد كلية الطب بالجامعة الإسلامية، والطبيب همام اللوح المستشار الطبي للهلال الأحمر القطري، والطبيب رأفت لبد مدير مستشفى الباطنة بمجمع الشفاء الطبي.
بدوره، أوضح مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، لـ”قدس برس” أن الاحتلال كان يسعى لخلق حالة من الذعر في صفوف العاملين في القطاع الحكومي والإغاثي، من خلال سياسات الاغتيال وقصف منازلهم، بهدف إبعادهم عن مهامهم تمهيداً لإحلال سلطة موازية، لكن ما لم يدركه الاحتلال هو أن هؤلاء الموظفين كانوا بمثابة درع صلب لا يمكن كسره بسهولة.
عكست عمليات الاغتيال التي طالت بشكل أساسي عصب الجهاز الحكومي والقادة التنفيذيين، رغبة إسرائيلية في نشر الفوضى وخلق حالة من عدم الاستقرار في المجتمع والجبهة الداخلية، وصولاً للهدف الرئيسي وهو استبدال حكم “حماس” بحكم آخر مقبول بالنسبة له، وهو ما لم يتحقق.
كان من بين الخيارات المطروحة بالنسبة للاحتلال إقامة حكم عشائري في جنوب القطاع، وتجربة الجزر الإنسانية في شماله مع سيطرة أمنية إسرائيلية، وهما مشروعان فشلا نتيجة الوعي الكبير لدى أهالي غزة بخطورة هذا الطرح، بالإضافة إلى سياسة الحزم التي انتهجتها حكومة غزة.
يشير أحد المدراء العامون في لجنة الطوارئ الحكومية لـ”قدس برس” إلى أنه يمكن تقييم تجربة الحكم خلال معركة “طوفان الأقصى” بأنها من أعقد المراحل التي مررنا بها خلال ثمانية عشر عاماً، حيث كان التواصل والتنسيق بين الوزارات والدوائر الحكومية يتم عبر قنوات وأنماط مشفرة تتغير باستمرار، كما كنا نواجه تحدياً يومياً بسبب كثرة الاغتيالات في صفوف العاملين في المجال الحكومي والإغاثي.
مضيفاً أنه تفادياً لسيناريو إجراء الاجتماعات واتباع البروتوكولات المعتادة، اتخذت الجهات العليا في الحكومة قراراً بتفويض المسؤولين وإلغاء المركزية، ومنحهم صلاحيات اتخاذ القرارات دون الرجوع للقيادة، وفقاً لاحتياجاتهم الأمنية.