استشهد في غزة العزة اكثر من 60 الف شهيد ، ودمر من بنيتها التحتية ودورها ما يقارب 90% ، واستشهد العديد من قادة الصف الأول والثاني .. ومورس عليها من التجويع والحصار والتنكيل والاسر والارهاب والتخويف ما لا يتصوره عقل محلل ، وألقيت عليها من المتفجرات والقنابل ما فاق الخيال حتى قدرها المحللون العسكريون بأضعاف القوة التدميرية للقنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكي ، وأضعاف المتفجرات التي القيت على برلين في الحرب العالمية .
وهذا ليس غريبا على قتلة الأنبياء الذين ذبحوا يحيى في محرابه ! فبقياس الاولى كل ما ارتكبوه من الجرائم هين امام جريمة ذبح نبي كل ذنبه أنه جاءهم بالوحي من السماء فلم ينافسهم على أرض ولا مال ولا متاع !!
وليس غريبا ايضا لان ما مورس على غزة لم يكن حربا عادية بل هي حرب عالمية اجتمعت فيها دول عدة ساهمت بالحصار المباشر بحرا ! وبالدعم السياسي والعسكري علنا ، و شكلت طوقا عسكريا يهدد كل من تسول له نفسه التدخل في غزة !
مع هذا كله ! انتصرت غزة !
لا يهم كم صهيونيا قتل ! ولا كم اسر ! ولا حجم الخسارة الاستراتيجية للكيان ! ولا الخسارة الاقتصادية ، ولا التفكك السياسي والاجتماعي لنسيج متفكك اصلا ! ..فكل هذا وان كان يحسب نصرا للمقاومة وبطولاتها كما نراه يوميا صوتا وصورة ! فالاهم منه هو الصمود الذي كان طيلة الحرب الرقم الصعب في معادلة النصر .
فالصمود مجردا عن ذكر اي معطى آخر هو النصر ذاته !
ألا ترى الكيان بسياسييه ..ومقاتليه وجنرالاته واستخباراته ورؤساء احزابه يتساءلون يوميا : إلى متى ؟!! وماذا بعد ؟ ماذا عن اليوم التالي ؟!!
فالكيان لم يقتل غزة ! والا لكان حكمها ..هل سمعت بادارة عسكرية أو مدنية استتب لها الوضع وباشرت تدبير شأن غزة !! ؟؟
فالمنتصر يحكم ! ..والكيان لم يفعل !
هذا يعطيك الدليل القاطع ان الحرب مستمرة والمعارك لم تتوقف ! وهو ما يعني الصمود الذي هو النصر ذاته !
بإجماع الخبراء العسكرين كل معركة لا تتكافىء فيها موازين القوى ، يعتبر صمود الطرف الاضعف استراتيجيا هو المنتصر ؟!!
إذن بالمعايير العسكرية : غزة منتصرة .
أما بالمعايير الشرعية فانتصار المقاومة حقيقة من البيان والسطوع في غاية الوضوح كالشمس في كبد السماء، فالمعركة شرعا لاتتوقف في الدنيا إنها ممتدة إلى يوم الحساب لذلك فنصر الله إما ان يكون في الدنيا او في الاخرة ( إنا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ). فكل من استشهد من اهل غزة حي يرزق .. ومنتصر يوم القيامة فردا فردا بل ويستبشر بمن بقي .. ويتمنى الرجوع ليموت مائة مرة .
هذا باعث على تسلية الحزين على استشهاد من استشهد من اهل غزة ، وهذه العقيدة تجعل من احزان غزة على من فقدوا أعراسا وافراحا !
وبالمعايير الشرعية أيضا يعد توازن الالم والرعب الذي سجلته المقاومة انتصارا ( إنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) ! فلم يهنأ الكيان بطعم الراحة والاستقرار منذ اقتحم غزة ، ولا استقرت أقدام جنوده فيها لحظة واحدة ! وكل يوم تتفحم جثتهم على مرأى من العالم ! زد على ذلك الخسارة الاستراتجية للكيان في العالم ووأد مشروعه في التطبيع (شعبيا على الاقل) وظهوره كأخزى كيان على وجه الأرض في الدول الغربية وفي كل بقاع العالم !
فالكيان قبل حرب غزة ليس هو بعدها نفسيا واجتماعيا وعسكريا وديموغرافيا واقتصاديا وسياسيا ! وتموقعا بين دول العالم ! إنه أصبح عار على دول العالم.
فالحرب احدثت فيه زلزالا دمر مشاريعه التوسعية وأثبت للعالم أنه اضعف من ان يسيطر على بقعة صغيرة لا تملك دبابة ولا صاروخا ولا طائرة !!
بهذه المعايير العسكرية والسياسية والشرعية نقول : غزة انتصرت ، ولا يمكن إلا أن تكون انتصرت .. لذلك فكل اتفاق على وقف إطلاق النار هو إقرار بانتصار غزة ! وإذعان من الكيان لهذا الإقرار بعد ان ظل لسنتين كاملتين يصرخ بأعلى صوته لا وقف لإطلاق النار إلا بالقضاء على المقاومة وتنصيب إدارة عسكرية لحكمها ! او تهجير أهلها قسرا !
فهذا كله يؤكد أن التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار توقيع على هزيمة الكيان هزيمة تاريخية تضاف الى سجل انتصار المقاومة وبطولاتها . فسجل يا تاريخ سجل ..فغزة لنا الى يوم القيامة .
