استعرضت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، يوم الأربعاء الماضي في نيروبي، رؤية المغرب لمواجهة تحديات تمويل المناخ في القارة الإفريقية، وذلك خلال مشاركتها في الدورة العشرين للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول البيئة المنعقد في العاصمة الكينية من 14 إلى 18 يوليوز الجاري.
وأشارت السيدة بنعلي، في كلمتها خلال الجلسة الوزارية الأولى، إلى أن التصدي للتحديات التمويلية المتعلقة بالمناخ في إفريقيا يتطلب أنظمة تمويل وأطر ميزانية تدعم الاستدامة على المدى الطويل، موضحة أن رؤية المملكة تتأسس على ثلاثة محاور استراتيجية.
وتحدثت عن المحور الأول الذي يتناول “مأسسة الميزانية المراعية للمناخ ضمن الاستراتيجيات الوطنية للتنمية”، حيث أكدت انطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمويل المناخ، التي تعد خارطة طريق شاملة تهدف إلى تعبئة وتتبع الاستثمارات المناخية على مستوى مختلف القطاعات والجوانب.
وأضافت أن هذه الاستراتيجية تتماشى تدريجياً مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة واستراتيجية خفض الكربون، كما تسعى إلى تعزيز الحوكمة ورفع كفاءة الإنفاق العمومي وزيادة التمويل الخاص المتوافق مع المناخ.
أما بالنسبة للمحور الثاني، فقد أوضحت الوزيرة أنه يتعلق بـ”تعزيز الحوكمة وإدارة المخاطر”، مشيرة إلى أن التعاون بين المؤسسات الحكومية والوزارات المعنية بالبيئة والمالية يشكل أساساً مهماً للتخطيط المناخي والميزانياتي.
كما لفتت الانتباه إلى إنشاء اللجنة الوطنية للتغير المناخي والتنوع البيولوجي، التي تتضمن مجموعة عمل مختصة بالتمويل المناخي، ما يسهم في تحسين التنسيق وتتبع آليات التمويل.
وعلى صعيد آخر، ذكرت بإصدار بنك المغرب توجيهات حول المخاطر المالية الناتجة عن المناخ، مما يساعد المؤسسات المالية على التعرف على هذه المخاطر وإدارتها، بالإضافة إلى إدماج وزارة المالية تأثير التغير المناخي في تحليلها السنوي حول استدامة الدين.
ودعت الوزيرة إلى توفير فضاء أوسع لنماذج التمويل غير التقليدية مثل مقايضة الدين مقابل العمل المناخي والسندات الخضراء وأسواق الكربون، مشيرة إلى إمكانية المغرب أن يصبح محوراً إقليمياً للتمويل المستدام، وجسراً نحو أوروبا وأسواق الأطلسي بفضل تجربته في آليات التمويل الأخضر.
وفيما يخص المحور الثالث، أكدت السيدة بنعلي على أهمية “إعادة تصور النظام المالي الدولي”، موضحة أن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي التي استضافها المغرب في مراكش عام 2023 قد سلّطت الضوء على ضرورة إعادة النظر في النظام المالي العالمي بما يتناسب مع مصالح الدول النامية.
وأكدت الوزيرة، خلال هذه الجلسة التي حضرها الرئيس الكيني ويليام روتو، التزام المغرب بالعمل مع دول القارة الإفريقية من أجل تحقيق تنمية مزدهرة ومرنة تتمتع بسيادتها وقادرة على تشكيل مستقبلها المناخي.
كما أعلنت السيدة بنعلي عن عزم المغرب إطلاق مبادرة لإنشاء “فريق عمل إفريقي للتمويل الأخضر والمستدام”، كوسيلة لتحفيز إطار تمويلي إفريقي موحد وعملي وشامل يسهل الوصول إلى التمويلات ويعزز الشراكات ويشجع على تطوير آليات تسعير مناخي عادلة وموثوقة في إفريقيا.
وافتتحت الدورة العشرين العادية للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول البيئة، أمس، بمقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة بنيروبي، مع وفد مغربي تقوده السيدة بنعلي. وتعبّر مشاركة المغرب في هذا المؤتمر، الذي يتناول موضوع “أربعة عقود من العمل البيئي في إفريقيا: تأملات في الماضي واستشراف للمستقبل”، عن إرادته القوية في الإسهام بفاعلية في تطوير وتنفيذ سياسات بيئية طموحة للقارة، تماشياً مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس من أجل مستقبل مستدام لإفريقيا وللأجيال القادمة.
تهدف هذه الدورة إلى تعزيز التعاون المؤسسي وتفعيل تنفيذ الاتفاقيات والأطر البيئية العالمية والإقليمية، لمواجهة التحديات البيئية التي تعاني منها القارة.