حذر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان (مستقل مقره في جنيف) اليوم الجمعة من التصاعد الحاد في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وأفاد المرصد في بيان له بأن هناك تكثيفًا غير مسبوق لعمليات القتل الجماعي في ظل غياب تام لأي نوع من المساءلة أو الردع الدولي.
وأشار المرصد إلى أن هذا التصعيد يأتي بينما تراجع الاهتمام الإعلامي بانتهاكات “إسرائيل” في غزة، بسبب انشغال الرأي العام العالمي بالأحداث العسكرية المتسارعة بين “إسرائيل” وإيران. وأوضح أنه تم توثيق مقتل أكثر من 350 فلسطينيًا وإصابة المئات خلال الأيام الأربعة الماضية فقط، مع تسجيل زيادة في عدد المفقودين تحت الأنقاض نتيجة للهجمات “الإسرائيلية” المكثفة، التي استهدفت المناطق السكنية والملاجئ المكتظة بالمدنيين المهجرين قسريًا، بالإضافة لمراكز توزيع المساعدات الإنسانية التي كانت من المفترض أن تكون أماكن آمنة.
وذكر البيان أن “أكثر من 70 فلسطينيًا قُتلوا منذ فجر اليوم الجمعة، نصفهم أثناء انتظارهم أو محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الطعام”، مشيرًا إلى أن هذا يعد دليلاً إضافيًا على استخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح للإبادة الجماعية بشكل متعمد.
وفي تعقيبها على الأوضاع الكارثية، قالت ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية في المرصد، إن الحياة في غزة أصبحت تدور في “دائرة موت مفرغة”، تبدأ بقصف المدنيين عمدًا، وترك الجرحى يموتون، وحرمان المرضى من العلاج في ظل تدهور النظام الصحي، بينما يبقى المفقودون تحت الأنقاض دون إنقاذ، ويضطر الناجون للعيش في خيام تفتقر لمقومات الحياة، ليُحكم عليهم بالجوع، ثم يُستهدف من يحاول الوصول إلى نقاط الإغاثة بالقذائف والرصاص.
وأكدت بسطامي أن هذا التسلسل الممنهج والمروع، الذي يجمع بين القتل والتجويع وحرمان النجاة، يدل على وجود نية إسرائيلية واضحة لتدمير السكان الفلسطينيين في غزة جزئيًا أو كليًا، مما يتحقق به عناصر جريمة الإبادة الجماعية وفقًا للقانون الدولي. وأضافت أن استمرار هذه الجرائم مع العجز الدولي عن التدخل لوقفها، يغلق أبواب العدالة على العالم كما أُغلقت أبواب الموت على سكان غزة، مشددة على ضرورة تحرك الدول بشكل عاجل لإنقاذ ما تبقى من شرعية النظام الدولي.
ويأتي هذا التصعيد في القتل بالتزامن مع سياسة التهجير القسري اليومية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يواصل، لليوم السادس والثلاثين على التوالي، دفع أكثر من 300 ألف فلسطيني للنزوح غربًا داخل مدينة غزة هربًا من القصف المكثف والنيران المستمرة.
وأشار المرصد إلى أن استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة في 18 مارس الماضي، بعد انتهاء وقف إطلاق النار، أسفر حتى الآن عن “مقتل أكثر من 5,400 فلسطيني، الغالبية منهم من المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال”.
اختتم المرصد تحذيره بالتأكيد على أن مراكز توزيع المساعدات أصبحت مصائد موت، حيث تُستهدف فيها التجمعات المدنية بشكل مباشر، فيما تتفاقم المجاعة يومًا بعد يوم، مما يزيد من عدد الضحايا الذين لا يسعون إلا للبقاء على قيد الحياة.
