في تغيير ملحوظ في الخطاب الرسمي السوري تجاه الاحتلال الإسرائيلي، أشار الرئيس السوري أحمد الشرع في خطابه الأخير إلى إسرائيل بصفتها “الكيان” بشكل متكرر. هذا التوجه يعده المراقبون تحولًا استراتيجيًا يعكس تغييرات في السياسة الخارجية السورية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في السويداء وقرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا.
وأكد المحلل السياسي باسل معراوي أن استخدام الرئيس لمصطلح “الكيان” وتكراره في خطاب رسمي موجه إلى الداخل والخارج يمثل خرقًا واضحًا للسياق التقليدي للبيانات السورية، التي كانت تبتعد عن هذا التعبير في الماضي.
كما أوضح معراوي أن البيانات الرسمية السورية كانت تميل إلى استخدام لغة دبلوماسية متوازنة، خالية من أي إشارات عدائية مباشرة، حتى في حالات إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.
اعتبر معراوي أن الخطاب الأخير للرئيس السوري قد وضع أبعاداً جديدة للعلاقة مع إسرائيل من خلال إلغاء صفة الدولة عنها وتعزيز رواية الاحتلال، مما يدل على عدم وجود نية للمشاركة في مسار التطبيع أو الانخراط فيما يُعرف بـ”السلام الإبراهيمي”. كما أشار إلى أن وزارة الخارجية السورية قد استخدمت، ولأول مرة منذ تشكيل الحكومة الحالية، مصطلح “الاحتلال الإسرائيلي” في بياناتها الرسمية الأخيرة، مما يعكس تبني الدولة لهذا الوصف الجديد بشكل رسمي، ويرسل رسالة واضحة برفض الانخراط في أي مشاريع سياسية تمنح إسرائيل الشرعية أو مكاسب مجانية.
من جانبه، اعتبر كمال عبدو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب، أن خطاب الرئيس الشرع الأخير “كان متزنًا وعقلانيًا، وصارح السوريين بحقيقة الموقف”. وأكد أن الخيار العسكري ضد إسرائيل غير مطروح حاليًا بسبب انعدام توازن القوى، ولتجنب انزلاق البلاد إلى حرب جديدة مجهولة العواقب. وأوضح عبدو لـ”قدس برس” أن الرئيس أكد أن سوريا ليست في موقع يسمح لها بالمغامرة، لكنها لم تتنازل عن حقوقها، بل استثمرت في علاقاتها الدولية، وعززت القنوات الدبلوماسية عبر وسطاء مثل أذربيجان وتركيا والأمم المتحدة لاحتواء التوتر مع إسرائيل في ظل تفاقم الوضع في السويداء.
وأشار عبدو إلى أن وصف الرئيس لإسرائيل بـ”الكيان” في عدة مناسبات، واستخدام وزارة الخارجية لتعبير “الاحتلال الإسرائيلي”، يبرزان ترسيخ موقف سياسي جديد يعزز من شرعية الرئيس بوصفه محررًا للبلاد من النظام السابق ومواجهة للاحتلال الإسرائيلي. ويرى المراقبون أن الخطاب الأخير للرئيس السوري أحمد الشرع يعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسة السورية نحو إسرائيل، يتجاوز حدود اللغة الدبلوماسية لتثبيت مواقف مبدئية تمنع المسار نحو التطبيع. ويعتقد هؤلاء أن هذا التحول قد يسهم في إعادة تشكيل العلاقة بين سوريا وإسرائيل في المستقبل، ويضع حدودًا سياسية جديدة تمنع إسرائيل من استغلال الظروف الانتقالية في سوريا لتحقيق مكاسب منفردة.