بعد مرور ما يقرب من عامين على إعلان إسرائيل ومن ورائها دول غربية الحرب على غزة، وخوضها مواجهات مباشرة وغير مباشرة مع المقاومة ، وبرغم كل ما تملكه إسرائيل من ترسانة عسكرية متطورة جوا وبرا وبحرا واستعمالها تكنولوجيا حربية لم تستعمل بعد لاسيما على مستوى الطائرات بدون طيار و الروبوتات ، وبرغم الدعم الغربي المطلق عسكريا واقتصاديا وسياسيا وإعلاميا ، لا تزال إسرائيل تتكبد الخسائر والهزائم المتوالية في غزة لسببين :
الأول : أنها إنما دخلت الحرب على غزة لتحقيق هدفين اثنين هما : – 1 تحرير الأسرى ـ 2 تركيع المقإومة ونزع سلاحها حتى لا تتكرر واقعة 7 أكتوبر.ولا هدف من الهدفين تحقق ولو بنسبة 1٪. هذ بالمنطق العسكري يعني الهزيمة .
الثاني : أن ما ارتكبته إسرائيل من مجازر وإبادة جماعية وهدم للبنية التحتية ، وممارسات همجية داخل غزة ، ليس فقط لا تمثل نصرا عسكريا في الميدان بل أيضا هزمت إسرائيل سياسيا في المسرح العالمي ، وشوهت سمعتها كدولة في المجتمع الدولي ولذلك كله تبعاته السياسية والاقتصادية وعلى مستوى العلاقات الدولية ، بل هزمتها في عقر أمريكا في الكونغرس اذ صرح ترامب أن اسراىيل فقدت وزنها داخل الكونغرس وفقدت الدعم الذي حظيت به لسنين طويلة، وهو ما يعني انها اصبحت مهددة بفقدان الدعم من الساسة الأمريكيين مستقبلا. زد على ذلك ما تشهده غزة من دعم عالمي على مستوى الدول والشعوب والمنظمات الحقوقية والانسانية توجت دعمها بقافلة الصمود كحدث تاريخي غير مسبوق تزحف فيه عشرات القوارب بحرا تمثل اربعة واربعين دولة لكسر الحصار على غزة .
مناخ الهزيمة هذا الذي تعيشه إسرائيل لا يغيبه طموحها الهمجي لتهجير اهل غزة من الشمال والشرق ولا قتلها اليومي للمدنيين ، في مسعى لدفعهم الى الهجرة نحو مصر ، فعلى العكس من ذلك هذا يؤكد بالفعل هزيمتها إذ لو كان الأمر استتب لها في الميدان الذي زعمت السيطرة العسكرية عليه، لتولت بنفسها إدارة القطاع وحكمه كما فعلت من قبل لسنين عددا حتى بداية القرن الحالي ، اذن فعزمها على احتلال القطاع بتهجير أهله يؤكد انها خسرت الحرب وتعلنها من جديد بخطة جديدة يائسة وتحمل في طياتها امارات الخسارة الفاضحة ، ما يؤكد ذلك أيضا هو سعيها للتفاوض حتى وهي ماضية في مخطط التهجير القسري ، فليس جلوسها على الطاولة الا علامة انكسار وان بدا الامر عكس ذلك . بل الأكثرمن ذلك هو رشوة اهل غزة بالقبول بمغادرتها لعلها تجد في ذلك متنفسا للقضاء على المقاومة على الأقل سياسيا وشعبيا حين اعلنت دفع مبلغ خمسة آلاف دولار لكل من يغادر غزة .
التاريخ يحدثنا عن أولئك الذين مارسوا أبشع وسائل الابادة وهم منهزمون ميدانيا كيف أظهرت نهايتهم في الأخير خسارتهم الفادحة وهم يجرون أذيال الهزيمة وينسحبون ..كما وقع للالمان في لينينغراد في الحرب العالمية الثإنية ووقع للروس في أفغانستان مطلع التسعينات وقبلهم أمريكا في الفيتنام ، ثم في أفغانستان أيضا وهلم جرا ..
ما تمارسه إسرائيل حاليا لصرف الأنظار عن عجزها عن تحقيق الاهداف هو إمعانها في خلط الأوراق ، وتشتيت الانتباه بشيطنة الضفة ومحاولة تهجير اهلها ، والتلويح بغزو دول الجوار لتحقيق النبوؤات التوراتية ، وهذا كله وان كان يعكس أحلامها الحقيقية وأمانيها فهو يعكس أيضا تخبطها في الحرب على غزة وفقدانها البوصلة لليوم التالي ، وحرجها الكبير بالاعتراف بهزيمتها عسكريا وحرجها أمام سؤال الكنيسيت اذا وضعت الحرب أوزارها : اين الاهداف المحققة من الحرب ؟!! لاشيء.
وهذا ما يعني بداية نهايتها فعليا .
حقوق الطبع محفوظة لجريدة القرب 2024-2025 ©