أفاد “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” بأن حوالي 1200 مسن فلسطيني قد توفوا في الشهرين الماضيين نتيجة سياسة التجويع الإسرائيلية وسوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية. وأكد أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى مستويات كارثية تهدد حياة عشرات الآلاف من سكانه، وبالأخص المسنين والفئات الأكثر ضعفًا.
وذكر المرصد، في بيان صحفي اليوم السبت، أن العدد الحقيقي للوفيات قد يفوق الأرقام المعلنة، بسبب عدم وجود آليات دقيقة لتوثيق الوفيات الناتجة عن المجاعة. وقد وثقت وزارة الصحة في قطاع غزة رسميًا 122 حالة وفاة مرتبطة بالجوع وسوء التغذية، بينهم 83 طفلًا، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
كما أشار المرصد إلى أن فريقه الميداني سجل وفاة العديد من المسنين في خيام النزوح بسبب الجوع أو نقص الرعاية الصحية، دون أن يتم اعتبارهم ضحايا للمجاعة، في أجواء إنسانية قاسية حيث يفضل الأقارب دفنهم مباشرة لعدم وجود إجراءات رسمية.
وشدد المرصد على أن تصنيف هذه الوفيات كحالات “طبيعية” يعد تضليلًا للحقائق، حيث أن وراءها سياسات تجويع متعمدة وتفكيك منهجي للنظام الصحي، مما يشكل نمطًا من أنماط القتل العمد المحظور بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن سياسة “إسرائيل” الممنهجة تعتمد على استخدام التجويع ونقص العلاج كوسائل للقتل الجماعي، في سياق جريمة إبادة مستمرة منذ أكثر من 22 شهرًا، حيث تصاعدت هذه السياسات منذ 7 أكتوبر 2023 وبلغت ذروتها منذ 2 مارس الماضي، مما يستهدف الفئات الأضعف ويجعل الكارثة الإنسانية أداة مركزية لتنفيذ الإبادة الجماعية.
أبدى المرصد قلقه من استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التحكم بتدفق المساعدات، حيث يستخدمها كوسيلة للتجويع من خلال التأخير المتعمد أو الإتلاف، مما جعل هذه المساعدات تتحول إلى “مصائد موت”، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية السكوت والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأشار إلى أن القصف المستمر وعمليات التهجير القسري تزيدان من أزمة المجاعة، إذ تفقد العائلات ما تبقى من الغذاء، مما يضعها في خطر الموت جوعًا أو تحت القصف. كما أكد المرصد أن الأفعال التي تحدث في غزة تصنف كجرائم حسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مثل “جرائم الحرب”، و”الجرائم ضد الإنسانية”، و”جريمة الإبادة الجماعية”، التي تشمل القتل العمد والتسبب بالموت عبر التجويع أو حرمان الرعاية الصحية، في إطار هجوم واسع ومنظم ضد المدنيين.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ تدميرًا ممنهجًا للبنية الصحية، مما يمنع إدخال المساعدات، مما أدى لانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية وتدهور الوضع الصحي لأكثر من مليوني إنسان.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الدول والمنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ورفع الحصار غير القانوني، وضمان دخول المساعدات، ومحاسبة المتورطين الإسرائيليين في الانتهاكات الجسيمة.
ودعا إلى فرض عقوبات دولية على “إسرائيل”، تشمل حظر تصدير واستيراد الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج، ووقف التعاون العسكري والدعم المالي والسياسي، وتجميد أصول المتورطين، وفرض قيود على السفر، فضلًا عن تعليق الاتفاقيات التجارية والامتيازات الاقتصادية.
واختتم المرصد بيانه بالدعوة إلى معالجة الجذور السياسية والحقوقية للصراع، وإنهاء الاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وتفكيك نظام الفصل العنصري، وضمان حق الفلسطينيين في الحياة والكرامة وتقرير المصير، ومحاسبة كل من شارك في الجرائم ضد المدنيين في غزة.